الرئيسية / القواعد الكلِّيَّة والضوابط في الفكر النَّحويِّ

القواعد الكلِّيَّة والضوابط في الفكر النَّحويِّ

اسم الباحث :محمـــــــــــود محمد الحــــــــــــــــــــــــديد

المشرف :أ.د. رضوان القضماني +د. محمـــــد ماجـــــد العطــــــــــائي

العنوان :القواعد الكلِّيَّة والضوابط في الفكر النَّحويِّ

العنوان باللغة الإنكليزية :General Rules and Constraints in Syntactic Thinking

العام :2020

القسم :اللغة العربية

الملخص :فقد تأثَّرت دراسة اللغة والنحو بالمنهج الإسلاميِّ العامِّ، الذي يجنح نحو الكلِّيَّات، وربط الجزئيَّات بها في نظرته إلى الكون والإنسان والحياة، فنشأت الدراسات اللغويَّة بداية لحاجة دينيَّة؛ وبعد جمع المادَّة اللغويَّة من مصادرها المعروفة قام النحاة بتقعيد اللغة، وقد وضع النحاة منهجاً لأنفسهم يوصلهم إلى تصوُّر بناء اللغة من اجتماع العناصر الجزئيَّة بعضها إلى بعض للوصول إلى القوانين الكلِّيَّة، والضوابط النحويَّة

وهذه القواعد الكلِّيَّة والضوابط النحويَّة مبثوثة ومتفرِّقة في مختلف المصادر النحويَّة، بدءاً من سيبويه (ت180ه) إلى السيوطيِّ (ت911ه)، وانتهاء بالمحدَثين، وقد ذكر بعضها ابنُ هشام (ت761ه) في باب مستقلٍّ من كتابه “المغني”، وأحسن جمعها السيوطيُّ في كتابه “الأشباه والنظائر في النحو”، كما يمكن أن نجدها في كتب التفسير التي تعنى باللغة والنحو، وكتب شروح الشعر، وكتب تخريج الفروع على الأصول في الفقه.

وهذه القواعد الكلِّيَّة لا تختصُّ بباب نحويٍّ معيَّن، بل فروعها ومسائلها تنبسط على أبواب متفرِّقة من الأبواب النحويَّة، ويظهر بها ارتباط الفروع والجزئيَّات بالمبادئ العامَّة والعلل الحاكمة للنحو العربيِّ، وتبيِّن وحدة المبدأ الذي يسود التفكير النحويَّ العربيَّ.

فمن أحكم القواعد الكلِّيَّة فهماً ودراية تيسَّر عليه ضبط الفروع، وتخريجها على الأصول، وأمكنه ذلك من ردِّ الأشياء إلى الأشباه والنظائر، فدراسة الفروع والجزئيَّات تصعب على المتعلِّم، وهي إن حُفِظت كلُّها أو أغلبها، فإنَّها سريعة النسيان، ويحتاج الرجوع إليها في كلِّ مرَّة إلى جهد ومشقَّة وحرج. أمَّا القاعدة الكلِّيَّة فهي سهلة الحفظ، بعيدة النسيان؛ لأنَّها صيغت بعبارة جامعة سهلة تبيِّن محتواها وتنطبق على فروع كثيرة؛ فتكوِّن عند الطالب ملكة نحويَّة تنير أمامه الطريق لدراسة أبواب النحو الواسع بطريقة منهجيَّة ومنظَّمَة، فتشتت أجزاء الموضوع الواحد في أكثر من باب نحويٍّ يؤدي إلى عدم تناسق الظاهرة النحويَّة والإلمام بها، بل إنَّ بعض أحكام الظاهرة تذكر في مواضع واهية الصلة بالظاهرة نفسها؛ فيصبح الوقوف على أحكامها الكلِّيَّة شاقَّاً وصعباً يتطلَّب قراءة مئات الصفحات، والقواعد الكلِّيَّة تجمع هذا الشتات.

والقواعد الكلِّيَّة دراستها من قبيل دراسة النحو، وليس أصول النحو، فأصول النحو يُبنى عليه استنباط الفروع الجزئيَّة، حتَّى إذا تكوَّنت المجموعات الجزئيَّة أمكن الربط بين فروعها، وجمع أشتاتها في قواعد عامَّة جامعة لهذه الأشتات، ويمكن جمع القواعد الكلِّيَّة في مجموعات لتشكِّل النظريَّات النحويَّة. وعلى الرَّغم من ذلك فهي تعدُّ فرعاً مكمِّلاً لعلم أصول النحو، ومرتبطاً به أشدَّ الارتباط، وإن لم تكن منه، كما أنَّ القواعد الإجماليَّة الكليَّة الأصوليَّة لها قواعد كليَّة تضبطها وتحدِّد مجالها.

والعلم بالقواعد الكلِّيَّة شرط ضروريٌّ للباحث النحويِّ، يستفيد منها في اجتهاداته النحويَّة، والمتعلِّم إذا تلقَّى هذه القواعد، وتفهَّم جيِّداً مدلولاتها، ومدى تطبيقها، ووقف على مستثنياتها، ثمَّ تفهَّم الأسباب التي دعت إلى خروج هذه الفروع والمستثنيات من القاعدة الظاهرة، وإلحاقها بقاعدة أخرى أو أصل آخر، يشعر في ختام دراسته لهذه القواعد أنَّه وقف على قمَّة من قمم النحو، تشرف على آفاق مترامية الأطراف من آفاق الفكر النحويِّ، ويرى امتداداتها التطبيقيَّة في جميع الاتِّجاهات.

فالقواعد الكليَّة هي تعابير نحويَّة مركَّزة، تعبِّر عن مفاهيم ومبادئ نحويَّة مقرَّرة، ذات مدلولات ثابتة، مصوغة بعبارات علميَّة موجزة سهلة، وهي من ثمرات فكر نحويٍّ متكامل، ومن جوامع الكلم المعبِّر عنه.

وإذا تتبَّعنا ما كُتب عن هذا الموضوع قديماً وحديثاً نجد أنَّه لم يُكشفِ اللّثامُ عنه، ولم يُبرز من كلِّ جوانبه، فالأبحاث فيه قليلة مقارنةً بما كُتِبَ عن الموضوعات الأخرى في علم النحو، فقمت بجمع شتات موضوعه، وحاولت التأصيل له، وبيَّنت مفهومه، ومكانته، وأهميَّته، في الدرس النحويِّ، مع بيان علاقته مع غيره من الفنون المشابهة له في الفكر العربيِّ الإسلاميِّ.

وقمتُ بتقسيم البحث إلى خمسة فصول، فكان الفصل الأوَّل مقدِّمات أساسيَّة للدخول في موضوع البحث، وفرَّعته إلى خمسة مباحث، فبيِّنت في المبحث الأوَّل مفهوم القاعدة، وذكرت اختلاف تعريفاتها عند مفكري العرب والإسلام في المطلب الأوَّل، وفي المطلب الثاني أوضحت معنى الكليَّات، والمراد منها عندهم، وخلصت في المطلب الثالث إلى تعريف جامع للقواعد الكليَّة.

وفي المبحث الثاني بيَّنت مفهوم الضابط عند مفكري العرب والإسلام، واختلافهم في تعريفه، ووضَّحت الفرق بينه وبين القاعدة الكلِّيَّة في المطلب الأوَّل، وذكرت تعدُّدَ استعمالاته عند النحاة، ثمَّ خلصت إلى تعريف جامع مناسب له في المطلب الثاني. وفي المطلب الثالث قسَّمت الضابط النحويَّ إلى ضابط خاصٍّ، وضابط عامٍّ. وأوضحت في المطلب الرابع الصيغ المعبِّرة عن معنى الضابط في أساليب النُّحاة.

وفي المبحث الثالث تكلَّمت على الباب النحويِّ، ومفهومه عند النحاة. وأمَّا المبحث الرابع فقد خصَّصته لبيان مفهوم الفكر النحويِّ، فعرَّفته في المبحث الأوَّل، وبيَّنت نشأته في المبحث الثاني، ثمَّ ذكرت آراء بعض المفكرين المحدثين في تحقيب الفكر العربيِّ. وفي المبحث الخامس بيَّنت أهميَّة هذه القواعد الكلِّيَّة، والضوابط النحويَّة، وأثرها في إضفاء التجانس والترابط على التفكير النحويِّ.

وكان الفصل الثاني لتصنيف القواعد، ومرادفاتها، وفرَّعته إلى ثلاثة مباحث، تكلَّمت في المبحث الأوَّل على بعض أنواع القواعد التي تعدُّ طريقة في تصنيفها. وفي المبحث الثاني أوضحت بعض المصطلحات التي استعملها النحاة مرادفة للقاعدة، وهي القانون والأصل، وأوضحت فيه الفرق بين القاعدة الكلِّيَّة والأصل، وأمَّا المبحث الثالث فكان للحديث عن القواعد الكليَّة والضوابط النحويَّة عند بعض أئمَّة النحو، فتكلَّمت على سيبويه (ت180ه)، وابن جني (ت392ه)، وابن هشام (ت761ه)، وأرجأت الكلام على السيوطيِّ إلى مبحث الأشباه والنظائر.

وكان الفصل الثالث للكلام على بنية التفكير النحويِّ في القواعد الكلِّيَّة، وفرَّعته إلى خمسة مباحث، فبيَّنت مفهوم مصطلح الأشباه والنظائر، والفرق بينه وبين القواعد الكلِّيَّة في المبحث الأوَّل. وفي المبحث الثاني تكلَّمت على علم التقاسيم، فعرَّفت التقسيم، وذكرت شروط صحَّته، والفرق بينه وبين القواعد. وفي المبحث الثالث تحدَّثت عن مفهوم النظريَّات النحويَّة، وأوضحت العلاقة بينها وبين القواعد الكلِّيَّة. وأمَّا المبحث الرابع فكان للحديث عن القواعد الأصوليَّة؛ فعرَّفتها، وأوضحت الفرق بينها وبين القواعد الكلِّيَّة النحويَّة. وخصَّصت المبحث الأخير من هذا الفصل للكلام على القواعد المنطقيَّة، ووجه التشابه والاختلاف بينها وبين القاعدة الكلِّيَّة.

وفي الفصل الرابع تكلَّمت على أصول التفكير العقليِّ في القواعد الكلِّيَّة، وفرَّعته إلى خمسة مباحث؛ فأوضحت في المبحث الأوَّل مفهوم الدليل في المنظومة الفكريَّة العربيَّة، مع بيان الفرق بينه وبين بعض المصطلحات القريبة منه في هذه المنظومة. وفي المبحث الثاني درست بعض القواعد الكلِّيَّة التي تعدُّ الأصل في الاستدلال النحويِّ. ثمَّ بيَّنت حجيَّة القواعد الكليَّة عند النحاة في الاستدلال النحويِّ في المبحث الثالث. وفي المبحث الرابع تحدَّثت على موضوع علم القواعد الكلِّيَّة، وكان المبحث الأخير في هذا الفصل للحديث عن صياغة القواعد الكلِّيَّة من حيث مقوماتها، ومكمِّلاتها، والسمات الاستئناسيَّة لها.

وكان الفصل الخامس الأخير للحديث عن الفروع والمسائل المستثناة من القواعد الكلِّيَّة، وفرَّعته إلى تسعة مباحث؛ فأوضحت في المبحث الأوَّل مفهوم “الاستثناء من القواعد”، وفصَّلت في أنواع المستثنيات في المبحث الثاني. وفي المبحث الثالث أوضحت مفهوم الاستحسان عند النحاة، وصلته بالفروع والمسائل التي تخرج على القواعد. وفي المبحث الرابع تكلَّمت على الرخصة النحويَّة والضرورة الشعريَّة، وعلاقتهما بالمسثنيات، وفي المبحثين الخامس والسادس تحدَّثت عن علاقة “الاستثناء من القواعد” بالخلط بين مستويات الأداء اللغويِّ، والتناول الجزئي للأحكام وطردها، وفي المبحثين السابع والثامن بيَّنت أقوال العلماء في القياس على المستثنيات من القاعدة، وأثر هذه المستثنيات في تحديد مجالها التطبيقيِّ. وكان المبحث الأخير عوداً على بدء؛ فأوضحت فيه أنَّ القاعدة أكثريَّة لا كلِّيَّة. ثمَّ أنهيت الرسالة بأهمِّ النتائج التي أسفر عنها البحث.

أسباب اختيار البحث

  • قلَّة مَن تناول القواعد الكليَّة بالبحث، على الرَّغم من أهميَّتها وانتشارها في جميع كتب النحو.
  • جمع شتات الموضوع، ومحاولة التأصيل له.
  • حاجة المكتبة العربيَّة لمؤلَّف مستقلٍّ يتناول هذا الموضوع.

أهميَّة البحث

  • يعدُّ ضبط العلوم وتأصيلها من أهداف المؤلِّفين في الفكر العربيِّ الإسلاميِّ، وهذا البحث يخدم هذا الجانب فيه.
  • استجلاء بعض الأصول الكلِّيَّة للفكر النحويِّ العربيِّ، من دون ارتباطها بعَلَمٍ من أعلامه، أو مدرسة فكريَّة من مدارسه، أو اقتصارها على زمان ومكان معيَّنين.
  • فيه إشارة إلى إبداع فكر النحاة، الذين عرفوا كيف يوضع المنهج الصحيح لإدراك الغاية المرجوَّة.
  • فيه إبراز لمنهج النحاة القدماء، وبيان أنَّهم يسيرون على طريق مستقيمة، ولا يتخبَّطون خبط عشواء، بل كانوا يحكمون الخطَّة، ويحدِّدون المنهج، ثمَّ يسعون إلى هدفهم بثبات، وعقل واعٍ.
  • فيه إعلام بالثروة الفكريَّة التي خلَّفها لنا أسلافنا الأقدمون؛ كي ننمِّيها ونزيدها غنى.

أهداف البحث

  • إبراز القواعد الكلِّيَّة والضوابط النحويَّة، وبيان مفهومها، وأثرها في إضفاء التجانس والترابط على الفكر النحويِّ العربيِّ.
  • تشجيع الباحثين على التأليف في القواعد الكلِّيَّة، وتقديم قواعد النحو والصرف بهذه الطريقة مفيدة للعالم والمتعلِّم، فتعين المعلِّم على الشرح والتوضيح، وجمع الأصول الجامعة الكلِّيَّة للطلبة، كما تعين المتعلِّم على فهم مآخذ المسائل وأصولها.

وليس غرض الرسالة إحصاء كلِّ القواعد الكلِّيَّة، والمسائل المتفرِّعة عنها، فهذا ممَّا لا يستطيعه الباحث؛ إذ كلُّ قاعدة من تلك القواعد الكلِّيَّة، إذا أردنا أن نحصي الفروع التي تفرَّعت منها، تستأهل مبحثاً مستقلَّاً، وحسب الباحث أن يبيِّن مفهومها في الفكر العربيِّ الإسلاميِّ، مع ذكر بعض الأمثلة عليها، فالبحث دراسة تأصيليَّة تنظيريَّة للموضوع، ولم يهتمَّ بالتطبيق إلَّا قليلاً عند الحاجة إلى ذلك.

منهج البحثِ

اعتمدت في هذه الدِّراسة على المنهجِ الوصفيِّ التحليليِّ الذي يقوم على جمع المادَّةِ العلميَّة واستيعابها، وفهمها، ثمَّ القيام بتصنيفِها وتحليلِها بدقَّةٍ، تحليلاً يفصِّلها ويكشفُ دلالاتها.

الدراسات السابقة

هناك كتب وبحوث علميَّة تتعلَّق بموضوع البحث، منها:

  • ضوابط الفكر النحوي، دراسة تحليليَّة للأسس الكلِّيَّة التي بنى عليها النحاة آراءهم، للدكتور محمد عبد الفتاح الخطيب، وهو كتاب يعنى بالأصول الكلِّيَّة للنحو العربيِّ، والركائز الأساسيَّة التي بنيت عليها نظريَّته، كنظريَّة العامل، ونظريَّة الأصل والفرع.
  • الكليَّات النحويَّة في إعراب القرآن الكريم للباحث عبد الرحمن بن خلف الشمري، وهي رسالة ماجستير في الدراسات اللغويَّة مقدَّمة في جامعة القصيم في المملكة العربيَّة السعوديَّة، وهي بحث خاصٌّ بالكلِّيَّات النحويَّة المتعلِّقة بمعاني القرآن الكريم، جمعها مؤلِّفها من كتب إعراب القرآن والتفسير والنحو، ورتَّبها وفق الأبواب النحويَّة، وهي خاصَّة بالكلِّيَّات المتصدِّرة بكلمة “كلٍّ”، أو نحوها ممَّا يفيد العموم، كقول عبد الله بن عبَّاس (ت68ه): “كلُّ (عسى) في القرآن فهي واجبة”([1])، و”كلُّ ما جاء في القرآن من نكرات يراد بها الأعلام؛ فإنَّها نكرات على الوضع لا الاستعمال”([2]).
  • الكلِّيَّات والأصول النحويَّة في معجم العين، للباحثة سارا حسن الزهراني، وهي رسالة ماجستير في الدراسات اللغويَّة مقدَّمة في جامعة أم القرى في المملكة العربيَّة السعوديَّة، وهذا البحث خاصٌّ بالأصول والقواعد الكلِيَّة الصرفيَّة والصوتيَّة التي ذكرها الخليل في أجزاء متفرِّقة في كتابه “العين”، والمتصدِّرة بكلمة “كلٍّ”، أو استعمل فيها الصيغ الحاصرة، أو ألفاظ العموم، أو النفي المطلق.
  • منهجيَّة البحث في الدرس النحويِّ (دراسة معرفيَّة في التفكير اللغويِّ العربيِّ)، وهو بحث لأستاذنا الدكتور سمير أحمد معلوف، نشره في مجلَّة مجمع اللغة العربيَّة بدمشق، ويعدُّ هذا البحث أساس فكرة موضوع هذه الرسالة.

ومن الكتب والرسائل العلميَّة التي لها علاقة مع موضوع البحث، ولم أستطع الاطِّلاع عليها:

  • القواعد والأصول الكلِّيَّة عند ابن هشام الأنصاري النحوي، دراسة استقرائيَّة لجميع مصنَّفاته، للدكتور حسن أحمد العثمان.
  • القواعد الكلِّيَّة الصرفيَّة والنحويَّة، النظريَّة والتطبيق، للباحث محمد جاسم عبود العبودي، وهي أطروحة دكتوراه مقدَّمة في جامعة بغداد، 1425ه-2004م.
  • القواعد الكلِّيَّة ودورها في الترجيح بين الأوجه النحويَّة عند ابن هشام الأنصاري، للباحث محمد خير الدين كرموش، وهي أطروحة دكتوراه في النحو والصرف مقدَّمة في جامعة ورقلة.

وأفدت كثيراً في هذا البحث من كتب القواعد الفقهيَّة، وكتب المنطق، منهجاً وأسلوباً، كما أفدت من كتب المفكِّرين العرب المعاصرين، فضلاً عن كتب النحو وأصوله القديمة منها، والحديثة.

صعوبات البحث

واجهتني خلال رحلة البحث مجموعة من الصعوبات، منها:

  • اتِّساع مجال البحث؛ إذ لا يرتبط بشخصيَّة علميَّة معيَّنة، أو فترة زمنيَّة محدَّدة، بل يشمل فكر النحاة منذ نشأته إلى العصر الحاضر.
  • البحث عن قواعد كلِّيَّة تضمُّ مسائل متفرِّقة من أبواب متعدِّدة يحتاج إلى جهد أكبر، ومعرفة أدَّق من استخراج المسائل الجزئيَّة للباب النحويِّ الواحد؛ إذ هذه القواعد متناثرة في كثير من مصنَّفات النحاة المختلفة؛ فهي تحتاج إلى جمع وترتيب.
  • قد يعبِّر النحاة عن قواعدهم بأساليب وعبارات مختلفة؛ فيجب على الباحث إدراج القواعد المختلفة الأساليب ذات المضمون الواحد ضمن قاعدة واحدة.
  • صعوبة تقصِّي الفروع والمسائل الجزئيَّة للقاعدة الواحدة؛ لتفرُّقها في أبواب مختلفة من أبواب النحو العربيِّ.

وبعد: فأرجو أن أكون قد وفِّقت في عرض الموضوع على الوجه المطلوب، وعملي هذا جهد بشر، وقد أحسن القاضي عبد الرحيم البيساني (ت596ه)، في كتابه إلى العماد الأصفهاني (ت597ه) معتذراً على كلام استدركه عليه، إذ يقول: “رأيت أنَّه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلَّا قال في غده: لو غُيِّر هذا لكان أحسن، ولو زيد لكان يستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر”([3]).

ولا يسعني في هذا المقام سوى تقديم فائق الشكر والتقدير إلى الأستاذين الفاضلين المشرفين على البحث، الأستاذ الدكتور رضوان القضماني، والدكتور محمد ماجد العطائي، اللذين لمست منهما أخلاق العلماء، وكرم الآباء والأصدقاء، فلم يبخلا عليَّ من وقتهما، ولا من تشجيعهما.

وأتوجه بالشكر أيضاً إلى السادة الأساتذة الكرماء، أعضاء لجنة المناقشة والحكم، والذين تفضَّلوا بقبول النظر في هذا البحث، والذين ستسهم ملاحظاتهم في تقويمه، وتصويب عثراته.

([1])  أخرجه البيهقي في: السنن الكبرى: أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (ت458ه)، ت: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنات، ط:3، 1424ه-2003م، رقم (17753)، 9/23.

([2])  ينظر: التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل، أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف بن علي بن يوسف، أثير الدين (ت745ه)، ت: د. حسن هنداوي، دار القلم-دمشق (من 1 إلى 5)، وباقي الأجزاء: دار كنوز إشبيليا، ط:1، 2/107.

([3])  كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون: حاجي خليفة، مصطفى بن عبد الله كاتب جلبي القسطنطيني (ت1067ه)، دار إحياء التراث العربي-بيروت، د.ط، د.ت، 1/18.

تحميل البحث :