الرئيسية / مستوياتُ التّجريبِ في رواياتِ إبراهيم نصر الله (الملهاةُ الفلسطينيّةُ نموذجًا)

مستوياتُ التّجريبِ في رواياتِ إبراهيم نصر الله (الملهاةُ الفلسطينيّةُ نموذجًا)

اسم الباحث:

صالح أحمد البرهو

اسم المشرف:

الدكتورة: رشا ناصر العلي

العنوان:

مستوياتُ التّجريبِ في رواياتِ إبراهيم نصر الله

(الملهاةُ الفلسطينيّةُ نموذجًا)

العنوان باللغة الإنكليزية:

/ The Levels Experimentation in the Novels of Ebraheem Naser Allah :”The Palestinian Comedy” as an Example/

العام:2024

القسم:اللغةِ العربيّة

الملخص:

لقد قامَ التّجريبُ الرّوائيُّ في سلسلة (الملهاة الفلسطينيّة) لدى إبراهيم نصر الله بتوظيفِ تقنياتٍ فنيّةٍ جديدةٍ لم يسبقْ استخدامها في المدونةِ الرّوائيّةِ العربيّة التّقليديّة، وهذا الاستخدامُ فتحَ المجالَ أمامَ أبواب التّجريب الرّوائي الذي قدّمَ المبدعُ بوساطته وجهةَ نظره الإبداعيّة والفنيّة بطرقٍ متنوعةٍ.

– فقد جدّد نصر الله في تقنيةِ الزّمن الرّوائيّ، وجعله أكثر قدرةً على مواكبة الأحداث المُركَبة التّي مرّت بها فلسطين بعد النّكبة، والنّكسة، واتفاقيّة أوسلو، فجاء الزّمن الرّوائي متشظيًّا؛ لِيعبرَ عن أوجاع الفلسطينيين في الشّتات، ذاك الزّمن الذي جعل الشّخصيات تشعرُ بثقل الزّمن بعيدًا عن فلسطين، أو بسبب الاحتلال الذي مُورِس عليها في الوطن بعد انهيار القيم وكثرة الخيانات؛ لذلك تحوّل الزّمن الرّوائي إلى زمنٍ نفسيٍّ ضاغطٍ على الشّخصيات كما هي الحال مع سلوى في رواية (زيتون الشوارع)، وبذلك جرّب نصر الله وجدّد في بنية الزّمن الرّوائي.

– وقد أكثر نصر الله من تقنياتِ الاسترجاع الداخلي، والاسترجاع الخارجي، وسدّ الثّغرات الحكائيّة، وكانت الاسترجاعاتُ لِكشف ماضي الشّخصيات، والتّمهيد لما سيحدث مستقبليًّا، وبذلك كانت الاسترجاعاتُ موظفةً روائيًا وجماليًا لِخدمة المنظور العام للحكاية.

– نوّع نصر الله وجرّب في المستويات السّردية فجاء المكان الرّوائي مرتبطًا بالهويّة العربيّة الفلسطينيّة التي حاول الصّهيوني سلبها؛ لِيصبح الصّراع بين الصّهيوني والعربي صراعًا على الحكاية، والأرض، والتّاريخ، قبل أن يكون صراعًا عسكريًا، وهذا الصراع تطلّب من الشخصيات التّمسك بذاكرة المكان، وتقصي ملامحه، ومقارنة صفاته قبلَ قدوم الاحتلال الصّهيوني وبعده، الأمر الذي تطلب التّجديد في بنية المكان الرّوائي، ومعلوم أنّ نصوص الملهاة الفلسطينيّة اتخذتْ مِن فلسطين مسرحًا لها، لِذلك رصدتْ بنيةُ المكان تغيّراتِ المكانِ وتقلباتِه، حيث تمسّكتِ الشّخصيات بذاكرةِ المكان الفردوسي وقارنته مع عدوانيّة المكان بعد دخول عناصر دخيلة عليه مثل الاستيطان الصّهيوني الذي حاول تهويد المكان وطمس هويته.

–  شكلتْ آليةُ القمعِ التي مارسها الاحتلال العثمانيّ، والإنكليزي، والصّهيوني وأتباعهم من العرب الفاسدين النّسيجَ الدّراميّ في سلسلة الملهاة الفلسطينيّة، فعبرتْ تلك النّصوصُ الإبداعيّةُ عن أزمةِ الإنسان الفلسطيني، وسعيه الحثيث نحو حريته، وحفاظه على هويته، وأصالته في زمنٍ بائسٍ زادتْ فيه الخيانات والتّخاذل، ونتيجةَ ذاك الواقعِ المُحبِط جاء الرّدُّ الطّبيعيّ مِن الفلسطينيين بالتّمسكِ بالمكانِ وإعادة إحيائه روائيًا وجماليًا؛ لِذلك رسمتْ نصوصُ الملهاة صورةً جميلةً لفلسطين خاصةً في الرّوايات ذات الميل التّاريخيّ مثل رواية: (زمن الخيول البيضاء) ورواية (قناديل ملك الجليل) ورواية (سيرة عين) ورواية (ظلال المفاتيح).

– إنّ الفضاءَ الرّوائيّ في سلسلة الملهاة الفلسطينيّة هو انعكاسٌ للفضاءِ الجغرافيِّ الواقعيِّ في فلسطين والأمكنة المتعلقة بها، وهذا الارتباط الوثيق بين الفضاء الرّوائي والفضاء الجغرافيّ الواقعيّ هو نتيجةُ اشتغالٍ سرديٍّ حداثيٍّ أراد نصر الله بوساطته إظهار صورة المكان وقيمته النّفسيّة، والثقافيّة، والمعنويّة عند الشخصية الفلسطينيّة، وهذا التّناغم بين المكانين كَشفَ طبيعة الصّراع بين الفلسطيني والصّهيوني ومحاولات الاستئثار بالمكان.

– استطاع نصر الله خَلق بعض الأمكنةِ الرّوائيّة المُتخيلة مثل قرية (الهادية) في رواية (زمن الخيول البيضاء) التي لا نجدها على الخريطة الفلسطينيّة لِتكون تلك الأمكنة المُتخيّلة فضاءً روائيًا متخيّلًا عاكسًا لِجميع الأمكنة الفلسطينيّة، فقد تَعلقتِ الشخصيات بها، ودافعتْ عنها لكن الاحتلال العثماني والإنكليزي سهل وصولها إلى العدو الصّهيوني الذي سرقَها مِن أهلها ومارسَ عليها أبشعَ أنواعِ الظلم والوحشيّة.

– لقد عبّرتْ نصوصُ الملهاة الفلسطينيّة عن مخاضٍ عسيرٍ خاضَهُ الإنسانُ الفلسطينيُّ حياتيًا، ونقله المُبدِع روائيًّا، فنقل لنا تجاربه الخاصة، وتجارب الآخرين بصورٍ متنوعةٍ مغيّرًا أنماط السرد، ومجددًا في مستوياته من أجل مواكبة تغيرات العصر، ونقل الرّؤى الفكريّة، والسياسيّة، والاجتماعيّة بصورٍ روائيةٍ جديدةٍ تبتعد عن النّمطية التقليديّة، وذلك لأن عقودًا من الإحباط والعسف السّياسيّ والاجتماعيّ أنتجت أدبًا غير واضح الملامح، طوّع بقية الأجناس الأدبيّة، والخطابات الغرائبيّة، والعجائبيّة؛ لينقل تصورات المبدع ووجهات نظره، من هنا طوّع نصر الله الخطابات العجائبيّة والسخرية اللاذعة والمفارقات من أجل تصوير حياة الإنسان الفلسطيني وطموحاته وأفكاره بصورٍ شفافةٍ تبتعد عن المباشرةِ الجافةِ، وقد أسهمت تلك العوالم العجائبيّة في إضافاتٍ جديدةٍ للمدونة الرّوائية العربيّة، فابتعدت عن النّمط الرّوائي التّقليدي ومالتْ لإنتاج أنماطٍ روائيةٍ حداثيةٍ تجدد في مستويات الخطابات الرّوائية.

– انطلق نصر الله مِن الحاضر، وعاد إلى الماضي لِيثبت بطلان ادعاءات الصهاينة، بأنّ فلسطين أرضٌ بلا شعب، وليظهر مدى جمال الحياة في فلسطين قبل قدوم الاحتلال مثلما صنع في رواية (سيرة عين)، وبهذا ظهر أثر الزّمن الكتابي على الزّمن الرّوائي في نصوص الملهاة الفلسطينيّة الرّوائية.

–  إنّ التّجريب الرّوائي في نصوص الملهاة الفلسطينيّة ليس تقنيّةً بقدر ما هو تعبيرٌ عن مواقفَ ورؤى وتصوراتٍ فلسفيّةٍ، ووجوديّةٍ، وجماليّةٍ عبّرَ نصر الله بوساطتها عن القضايا الكبرى التّي أرّقتِ الإنسان الفلسطيني في ظلِّ وجود الاستيطان الصّهيوني، فقد وظّفَ الخطابات العجائبيّة، والتّاريخيّة، والاجتماعيّة، والشّعبيّة لِيعبرَ عن طموحات الانسان بالحريّة، ولِيحذّرَ من الأخطاء المتكررة التي وقع فيها الإنسان الفلسطيني.

– كما وظّف نصر الله تقنيّة تداخل الأجناس الأدبية مبدعًا نصًا روائيًا هجينًا عبّر عن أصالة فلسطين، وبهذا مالت نصوصه إلى تعدديّة الأصوات الرّوائيّة، وتداخل الأجناس الأدبية، والميل نحو الأبعاد التّاريخيّة والملحميّة، والسّيرة الذّاتيّة الرّوائيّة التي نقلتْ شذراتٍ مِن السيرةِ الذّاتيّة للمبدع، كما هي الحال في رواية (طيور الحذر) و(طفولتي حتّى الآن)، وفتحَ البابَ واسعًا أمامَ ظاهرة التّداخل الأجناسي؛ بين الرّواية والشّعرية، والرّواية والملحميّة، والرّواية والسّيناريو السّينمائي، والرّواية التّاريخ.

– جرّب نصر الله مستوياتٍ لغوية متنوعة في نصوص الملهاة الرّوائيّة فقد مالت لغته نحو الشّعريّة، وجمالياتها بدءًا بالعناوين وصولًا إلى شعريةِ اللغةِ، وشعريةِ الحدث، وقد مالتْ عناوين نصوص الملهاةِ الفلسطينيّة إلى نمط الجملة الاسميةِ لِتدل على ثبات الحكاية الفلسطينيّة، ورسوخها في وجدان الإنسان الفلسطيني، ممّا يجعلنا نرى مجموعة من الشّعريات في نصوص الملهاة الفلسطينيّة.

– جاءتْ عناوين روايات الملهاة الفلسطينيّة تحمل أكثرَ مِن دلالةٍ ولا يمكن فكّ شيفرتها الدّلاليّة إلّا بعدَ قراءةِ المتن النّصي قراءةً أفقيّةً وعموديّة.

– ابتكرَ نصر الله طرائقَ وأساليبَ جديدةً في أنماطِ التّعبير المختلفة فوظّفَ تقنيّة الخط المائل لِيعبر عن الشهادات الحيّة الواقعيّة التي أدرجها المبدعُ ضمنَ رواياته، كما وظف الحواشي السّفليّة لِينير جوانبَ الرّوايةِ ممّا مَنحها مزيدًا مِن المصداقيّة القرائيّة عند القارئ، والنّاقد، وأبعدها عن التّرهل السّرديّ.

– تجاوز نصر الله النّمطَ الرّوائيَّ المألوفَ، وابتكر قوالبَ فنيّةٍ جديدةٍ، عندما فتح باب التّداخل الأجناسي، وعرض موضوعاتٍ جديدةً، وعبّر عن الأصواتِ الهامشيّةِ والقاع الاجتماعيّ، وعرض القضايا الكبرى من وجهة نظر الأطفال والنّساء.

– جعل نصر الله المرأة فاعلةً ومؤثرةً في السّرد، ومشاركةً في خلق التّحولات المرجوّة، ومنحها مكانةً اجتماعيّةً وأسريّةً عاليّةً، وبهذا نالتْ المرأةُ حيّزًا إيجابيًّا من روايات الملهاة الفلسطينيّة، وقد ابتعدَ عن صورة المرأة السّلبيّة الضّعيفة ذات الوظيفة البيولوجية فقط.

– إنّ الخط الجامع بينَ روايات سلسلة الملهاة الفلسطينيّة هو (فلسطين) وحكايتها وبذلك أصبحتْ روايات الملهاة الفلسطينيّة نصوصًا مُنفصِلة مُتصِلة ممّا يُعدَ ملمحًا تجريبيًا في تلك النّصوص

الكلمات المفتاحية:

مستويات، التجريب، روايات، إبراهيم نصرالله.

تحميل البحث