كلمة مدير معهد المياة
إنَّ الماءَ هو عصبُ الحياةِ وضمانِ استمراريتها، والركنَ الأهمّ في خططِ التنمية. ولم يعد خافيا على احد الأهمية التي يمثلها الماء على المستوى الوطني والإقليمي. والجمهوريةُ العربيةُ السوريةُ كغيرِها من الأقطارِ العربيةِ وبحكمِ موقعها في حزامِ المناطقِ الجافةِ، فإنّ مواردها المائية والطبيعية محدودة، لقد بلغ معدل الفرد من الموارد المائية المتجددة حوالي 860 م3 / عام وهي نسبة أدنى من المستوى العالمي لفقر المياه والذي معدله 1000 م3 / عام، و من المتوقع أن ينخفض هذا المعدل نتيجة النمو السكاني و تزايد احتياجات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية وإعادة الإعمار التي يشهدها القطر. و يضاف إلى ذلك التغيرات المناخية و التي تشير معظم الدراسات الحديثة إلى أن إقليم المشرق العربي سيشهد انخفاضا في الهطول المطري قد يصل وسطيا إلى 15% في منتصف هذا القرن مصحوبا بارتفاع في درجات الحرارة يصل إلى 1.6 درجة مئوية و ازدياد في تواتر دورات الجفاف و حالات التطرف المناخي، كما أن هذا سيؤثر أيضا على منابع الأنهار الكبرى التي تنبع من خارج حدود القطر مثل نهر الفرات و الذي يشكل تقريبا 36% من الموارد المائية المتجددة في سورية و تعتمد عليه العديد من الأنشطة الاقتصادية.
هذه كلها تحديات يجب على قطاع المياه التصدي لها و وضع الخطط الاستباقية لضمان تنفيذ خطط الدولة التنموية و المحافظة على تلك الموارد من التدهور والاستنزاف. وهذا ما يجعل من الاستخدام الأمثل للمياه و عملية تطبيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية أحد أهم المتطلبات في قطاع المياه في سورية.
انطلاقا من ذلك كان إصدار مرسوم إحداث المعهد العالي لإدارة المياه ليكون مركز تميز وطني يهدف إلى تنمية الموارد البشرية في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية . لقد حدد المرسوم مهام المعهد بثلاث محاور رئيسية فمن جهة هو معهد بحثي يقوم بإجراء البحوث والدراسات العلمية التطبيقية في المجالات المختلفة لقطاع المياه، و من جهة يقوم المعهد بتصميم وتنفيذ برامج تدريبية متعددة المستويات والتخصصات في مجال تنمية الموارد البشرية و إدارة الموارد المائية و من جهة ثالثة هو معهد أكاديمي يقوم بمنح درجات الماجستير و الدكتوراه في إدارة المياه و يقدم الاستشارات العلمية للقطاعات العامة والمشتركة والخاصة.
الدكتور محمود السباعي