حُجيّة الدّليل الرّقمي في الجرائم مقيّدة الدّليل

  • محمد عبد القادر حبلوص

الملخص

وسائل الإثبات، هي وسيلة القاضي في بحثه عن الحقيقة، وهي سلاح الخصوم لترجيحِ أقوالهم بعضهم على بعض، وهي الدرع الواقي لحماية الحقوق، والعون القوي لاستعادتها إنِّ سُلبت من أصحابها، وهي الأساس الذي يُبنى عليه حكم القاضي في القانون الوضعي، وذلك لأن دور القاضيّ الجزائيّ في ممارسة سلطته للوصول إلى الحقيقة يبدأ من هذه النقطة _ أدلّة الإثبات_، وهذا يقودنا إلى القول أن كشف الحقيقة يقوم على محوريّن أساسيّن هما: القضاء وأدلةُ الإثبات.

كما أنَّ ممارسة القاضي سلطتهِ التقديرية في تقدير قيّمة هذه الأدلّة، هو النهج الوحيد المؤدي لإدراكِ الحقيقة التي يُعلنها في حكمه، فالهدف الأساسي الذي تبتغيّه العمليّة القضائيّة هو الوصول إلى أحكام عادلة تكوّن عنواناً للحقيقة وهذا يتم من خلال عمليّة الإثبات حيث تحتل أهميّة كبيرة في العمل الإجرائيّ الجزائيّ.

بيّد أنَّ الإثبات الجزائيّ يتميّز عن الإثبات المدنيّ بحريةِ الإثبات والاقتناع القضائيّ وعدم تقييّده بأدلّةِ معيّنة تكون عقيّدته، أو تلزمه وتحتم عليه أخذ دّليل دون غيره مُطبقاً بذلك الدور السلبيّ للقاضيّ.

غير أنَّ المشرع السوري خرج عن المبدأ السابق وألزم القاضيّ الجزائيّ ببعضِ أدلّة الإثبات، دون غيرها من الأدلّة، وذلك ببعض الجرائم على سبيل الحصر، كجريمة الزنا وجريمة الإغواء، حيث أراد ابتغاء غاية من هذا التقييد، فأُلزم القاضي الجزائي بأخذ بعض أدلة الإثبات، لإثبات الجرم على مرتكبيه أو بعضهم دون غيرهم، ولأهميّة الدّليل الرّقمي الإلكترونيّ، وتطور المجتمعات، وقصور تعدّيل المواد القانونيّة من المشرّع السوريّ، كان لا بد من حث المشرّع السوري على تعدّيل هذه المواد وإدخال الدّليل الرّقمي _ كحد أدنى _ لإثبات هذه الجرائم دون غيره من الأدلّة المستبعدة من القبول لإثباتِ هذا الجرم.

منشور
2023-02-27
القسم
سلسلة العلوم القانونية