البغايا في العصر الإمبراطوري الرومانيِّ (27 ق.م- 200م)

  • الدكتور: محسن محمد

الملخص

يتناولُ هذا البحث بالدراسة طبيعة حياة البغايا ونشاطهنّ في الإمبراطوريّة الرومانيّة خلال الفترة الزمنيّة بين عامي 27 ق.م- 200م. كان البغايا حاضرات بقوّة في الإمبراطوريّة الرومانيّة، فتعدّدت المصطلحات التي استخدمها الرومان للإشارة إليهن، كما تعدّدت فئاتهن ومراتبهنّ، فكان هناك المحظيات اللواتي حققن ثراء كبيراً واختَرن زبائنهنّ من نُخبة المجتمع الروماني. وكان هناك مُومسات بيوت الدعارة اللواتي كُنّ بأغلبهنّ من العبيد فكُن بالتالي مغلوبات على أمرهن، وأخيراً كان هناك بائعات الهوى اللواتي كُنّ بأغلبهنّ من كبار السنّ وحصلن على أجور ضئيلة جداً.

والواقع، أنّ الأسباب التي أدّت إلى دخول بعض النساء في الإمبراطورية الرومانية في مهنة الدعارة كانت متعدّدة، حيث كان أغلب البغايا من النساء اللواتي يُعانين من الفقر وضعف المردود المادّي، كما كان بعضهنّ من طبقة العبيد؛ لذلك مارسن مهنة البغاء مُجبرات، أضف إلى أنّ عدم رغبة بعض الأُسر الرومانيّة بتربية أطفالهم من الإناث والقيام برميهن في الشوارع قد جعل من بيوت البغاء المكان الوحيد الذي يحتضنهن ويتكفل برعايتهن ليعملوا في المستقبل كبغايا. وكما تعددت فئات البغايا، كذلك تعدّدت الأجور التي تتقاضاها كل فئة منهنّ، فتراوحت الأسعار التي تتقاضها البغايا بين مئات القطع الذهبية والهدايا الفاخرة وصولاً إلى قطعة آس واحدة أو قطعتين.

وتواجد إلى جانب البغايا أشخاص كانوا يتولون إدارة بيوت الدعارة ويتكفلون بدفع الضريبة المفروضة على عمل البغايا، وهؤلاء هم القوادون الذين عَرفهم المجتمع الروماني وأشار إليهم الرومان بأسماء متعددة.

وعلى اعتبار أنّ تجارة البغاء كانت تجارة مُربحة؛ لذلك عملت الحكومة الرومانية على تنظيمها وعلى الحصول على قسم من الأرباح التي تُدرّها عبر فرض ضريبة محددة، تلك الضريبة مُثبتة في الشواهد الأدبيّة والأثريّة.

وبالرغم من الطلب الكبير على البغايا في المجتمع الروماني، إلا أنّ ذلك المجتمع تعامل معهنّ بازدراء ونظر إليهنّ القانون الروماني على أنهنّ نساء شريرات ناقصات الأهليّة، وجرّم الرومان كل امرأة أو رجل ينخرط في تجارة البغاء لدرجة أنهم مُنعوا من الزواج مع المواطنين الأحرار.

منشور
2023-11-08
القسم
سلسلة العلوم التاريخية و الاجتماعية