بدايات النشاط البحري للأسطول العربي الإسلامي

  • طالب الدكتوراه: علي موسى طالب

الملخص

   مما لا شك فيه أن البحرية الإسلامية لم تنشأ دفعة واحدة، ولم تكن وليدة العصر الذي ظهرت فيه على المسرح التاريخي بقوتها وأهميتها الكبرى، بل إن جذورها تمتد إلى مرحلة مبكرة من التاريخ العربي الإسلامي, وإذا أردنا التحديد يمكن القول إن جذورها تعود إلى بدايات الفتح العربي الإسلامي المنظم لبلاد الشام ومصر والمغرب، وما رافقه من دخول القبائل البربرية في الإسلام، وهذا شكل التربة المناسبة والبيئة الخصبة من أجل العمل على استخدام قوة بحرية تشد أزر القوات البرية وتساعدها على إتمام عمليات الفتوح، وذلك بعد أن وجد الفاتحون أنه لابد من إنشاء قاعدة بحرية تواجه القوة البيزنطية التي كانت تستغل افتقار المسلمين إلى القوة البحرية، وتعمل على إرسال الحملات البحرية لشد أزر الحاميات البيزنطية الموجودة في أفريقية ولإضعاف المسلمين وكسر شوكتهم.

   ولا يخفى على الباحث في التاريخ الإسلامي أهمية دراسة القوى البحرية سواءً أكانت حربية أم تجارية ودراسة النشاط البحري لكل دولة إسلامية في مشرق العالم الإسلامي وغربه وأهدافه، وذلك لما تضفي على أحداث التاريخ ومجرياته من أثر كبير سواءً على الصعيد الحضاري والسياسي، وتساهم إلى حدٍ بعيد في الكشف عن مكنون العلاقات وجوهرها، وتميط اللثام عن مدى القدرة على جوب البحار وخوض غمارها وخوض المعارك فيها.

   ولعل هذه الدراسة تسلط الضوء على واحدة من أعظم المفاخر للحضارة العربية الإسلامية في عالم البحار في القرن الأول والثاني الهجري/السابع والثامن الميلادي، حيث مثلت البلاد الإسلامية منطقة أساسية من مناطق القوة البحرية والتجارية في عالم البحر المتوسط، وعلى الرغم من الصراعات والفتن التي شهدتها المرحلة؛ فقد شهد النشاط البحري تطوراً - بل تفوقاً- لا يمكن إغفاله في المجال العسكري، وليس من المغالاة أن يكون هذا العصر المؤسس الحقيقي لعصر السيادة الإسلامية على جزر البحر المتوسط الغربي والسواحل الأوروبية المطلة على هذا القسم من البحر، مما كان له تأثير على مقدرات الدول الاقتصادية.

منشور
2023-05-12
القسم
سلسلة العلوم التاريخية و الاجتماعية