أسواق المدينة المنورة في صدر الإسلام
الملخص
التجارة عصب الحياة الاقتصادية، ويقوم عليها تبادل المنافع بين بني البشر، وهي سبب لديمومة الحياة بين الناس في توفير عيشهم ومتطلباتهم، وقد شغل الموقع الجغرافي لشبه جزيرة العرب عموماً وبلاد الحجاز خصوصاً دوراً مهماً في التجارة، حيثُ كانت ملتقى للطرق البرية والبحرية وللمبادلات التجارية، ولتنظيم الأسواق، وعقد الاتفاقات التجارية بين القبائل العربية المشتغلة بالزراعة والتجارة وبينها وبين العالم الخارجي، ونشطت التجارة الداخلية والخارجية على حد سواء، وقد اكتسب سكان جزيرة العرب الخبرة التجارية منذ القدم من خلال احتكاكهم بالكثير من الأقاليم خارج الجزيرة العربية، واستطاعوا إقامة علاقات تجارية كبيرة مع العديد من البلدان، ونتيجة لتلك الحركة التجارية برزت كثير من المحطات التجارية المهمة لتقديم الخدمات التي تحتاجها القوافل التجارية من ماء ورعي للإبل، ومنها (يثرب) حيث ساعدها على هذا الازدهار وجود المياه وحصانة الموقع، وكان لها دورٌ في تقديم خدمات مهمة لحركة القوافل بالإضافة لمشاركتها في هذه القوافل، كما يتم الترويج لما تحمله هذه القوافل من منتجات لبيعها في أسواق يثرب وهذا ما جعلها من المحطات التجارية المهمة في الحجاز وأدى إلى نشاط الأسواق، وأمَّها التجار من كل مكان.
أصبحت المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية الشريفة مركزاً تجارياً بعد أن كانت في السابق نقطة مرور للقوافل التجارية، فقد نشطت التجارة بقسميها الداخلي والخارجي في العهد النبوي، إذ ازدهرت الأسواق التي انتشرت في المدينة المنورة، والتي أُلحق بها سوق إسلامي عام زاد من حركة التجارة فيها.
حظيت أسواق المدينة المنورة في صدر الإسلام بجانب كبير من الاهتمام حيث اعتنوا بها كثيراً، وشجعوا التجار وقدموا لهم الكثير من التسهيلات لتدعيم وتقوية اقتصادها، وتوفير فرص العمل لقاطنيها، وتوفير البضائع والسلع المتنوعة ليمدوا بها السكان، وقاموا أيضاً بتنظيم الأسواق وراقبوا المعاملات التجارية فيها، مع التزامهم التام في رعاية هذه الأسواق وحمايتها والعمل على تطويرها، كذلك أظهر الخلفاء الراشدين اهتمامهم بالأسواق لكونها من أهم مؤسسات الدولة الاقتصادية، فعملوا على إنشائها وتطويرها مع توفير الخدمات اللازمة لها، وإعطاء الأسواق المساحة الواسعة وحرصوا تعددها وتنوعها وتخصصها وتصنيفها وذلك بجعل كل مهنة لها سوق متخصصة فيها، وجعلوا تعاملاتها متماشية مع الأحكام الإسلامية السمحة.
