الصورة الفنية من منظور علم النفس

  • الباحثة: د. همسة عباس

الملخص

هدف البحث إلى: أنّ الصورة الفنية وسيلة أساسية في يد الناقد البصير, يكتشف عن طريقها موقف الشاعر و تجربته, و مدى الأصالة الفنيّة التي يتمتع بها. و هي الوعاء الذي يختزن المكنون الشعوري و التعبيري للفنان, و الوسيط الأساسي بين التجربة الشعرية و الكلمات المعبّرة.

أسباب اختيار البحث: للتأكيد على  أن رسم الصور بالكلمات من أرقى العمليات الفنية. و أنّ ما تحويه تلك التركيبات و الرموز و المجازات التي تقدّم ضمن صور شعرية, تحمل تجربة الشاعر الفكرية و بصمته الفنية المميزة و تلقيها بين يدي المتلقي الذي تتعدّد مستوياته بين الأكاديمي الباحث و المتخصّص الدارس و المتذوّق و المطلع.

أسئلة البحث: تحدّث البحث عن الصورة في النقد الأبي و أثار سؤالاً عن هل الصورة الفنية خيال؟

و في طيّاته كان الحديث عن الصورة و المبدع, و المحاكاة, و المرجعيات الشعورية, و الصورة و المتلقي, فضلاً عن الربط بين الصور المحسوسة  و الرموز المكتوبة, و ناقش العناوين المذكورة بشواهد بعينها.

وتوصل البحث إلى النتائج الآتية: ارتبطت نظرية الخلق الشعري بالإحساس و الفكرة كما ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالعاطفة و الوجدان, مما أضاف للصورة الشعرية دلالات جديدة تعبر عن جانب مهم و ضروي في أية عملية إبداعية و هو الجانب النفسي.

فقد رأى دارسو الصورة من الوجهة النفسية أنها إيحاء بحركة النفس و تعبير عن انفعالاتها و علاقاتها الناشئة عن تصادم الأشياء داخل الذات.

إنه المنهج الذي يرى الصورة من خلال تطبيق المباحث النفسية عليها و الذي عدها تعبيراً لا شعورياً عن شخصية الشاعر و طبيعته و اهتماماته و سلوكياته, و هي تستقي قدرته في الكشف عن طبيعة الشاعر و روحه و مكنونات نفسيته بدراسة الصورة التخييلية التي لا تخضع لمعيار أو رقابة, بل تأتي حسب الحالات النفسية التي يعانيها الشاعر. غير أن مثل هذه الدراسات لها سلبياتها المعروفة.

إن الصورة الفنية في العمل الأدبي أداة قيّمة في التحليل النفسي و النقد الأدبي إذ تنمّ عن خفايا النفس الشاعرة و تستفيد من المرئيات العامة في الحياة لابتكار المعنى الجديد و التأثير العميق في المتلقي, تلتقي بعض التجارب في جذورها مع القارئ و بعضها الآخر يظل خبيئاً عصيّ الإدراك على القارئ فيُعمل الفكر و الخيال و يحاول استنكاه عالم المبدع الذي يزخر برؤى عميقة و ملاحظات دقيقة أودعها الله في ذاته الفنانة دون غيره, فقضية الإلهام و التأمل و الحدس الخلاق و غيرهم من أدوات الخلق الفني ليست سوى تفسيرات و افتراضات قدمها العلماء للوصول إلى الحقيقة الفيزيولوجية للإبداع, و لكن حقيقتها السيكولوجية هي الأمر الوحيد الذي يمكن البحث فيه للوصول إلى نتائج ذلت أهمية.

و إن من ظن ظانٌّ أنه بمحاكاته بعض الصور الحقيقية باستخدام الأساليب البلاغية, أو بالارتداد إلى الموروث كمرجعية جمعية في اللاشعور لها أثرها في نفس المتلقي, أو اعتماده على الربط العشوائي بين الرموز و الصور المحسوسة, أنه بذلك كله يمكنه أن يدق باب الفن أو يلج فيه فهو واهم حالم لأن المناهج على اختلافها أكدت قضية الحدس الفني الخلاق الذي تصل فيه الدراسات إلى نقطة تعجز عن إدراكها و تفسيرها. 

منشور
2023-12-01
القسم
سلسلة الآداب والعلوم الإنسانية