المضامين التراثية الشعبية في النثر الأندلسي
الملخص
لا يمكن فصل الأدب على اختلاف أجناسه شعراً ونثراً , عن تأثيرات التراث الشعبي , سواء أكان ذلك حكاية, أم أسطورة غرائبية أم مثلاً ,أم قولاً مأثوراً نشأ من تجارب البيئة المحلية وعبّر عنها , أم غير ذلك , ما دام هذا التراث يشكل مساحة في لاوعي الأديب .
ويعد الموروث الشعبي مرآة الماضي في الحاضر .
ويكشف أصالة المجتمعات والأمم وما قدمته من موروث حضاري وإنساني , ممتدّ بجذوره إلى القدم .
وصل إلينا من تراث الأندلس وحضارتها العريقة التي امتدّت على مدى ثمانية قرون من الزمن , إلى جانب الشعر والنثر الفني , سلسلة من الحكايات والروايات الشعبية التي تكشف وتتناول حياة المجتمع الأندلسي وتظهر تأثّره بالثقافات المجاورة له , بالإضافة إلى مجموعة من الأخبار والحكايات التفسيرية التي تدور حول قضايا أدبية , أو تتصل بحدث أو قول , أو شخص, أو مجموعة من الأشخاص يرد ذكرهم على شكل حكايا بطولية , تروي قصص الفتح العربي للأندلس وتذخر هذه الحكايات بذكر الأماكن الجغرافية المعروفة , وقد تكون الأماكن مجهولة في أحيانٍ أخرى و ضم التراث الشعبي الأندلسي كثيراً من هذه الحكايات التي تحمل طابع الفروسية والبطولة بما فيها من عناصر رائعة , بالإضافة إلى البعد العجائبي فيها الذي تمثّل في صياغة أساطير شعبية , ورحلات عجائبية , وصلت إلى المؤرخين من خلال ما رواه الرحّالة والتجار وطلبة العلم والحجّاج والمشارقة الذين كانوا يحلّون بأرض الأندلس , وقد أخذ بعضها مأخذ التاريخ الحقيقي , واحتوى عناصر أدبية عديدة , وقام عدد من الباحثين بجمعها ونشرها بعد استخراجها من أمّات المصادر الأندلسية .
وتحتل الأمثال الشعبية حيزاً واسعاً في هذه المضامين فقد حظيت الأندلس بعدد من الأمثال التي اختصت بالبيئة الأندلسية , وعبرت عن قضايا تلامس المجتمع الأندلسي , وثقافته , ومعاييره الخاصة . وقد أدرك الكتّاب أهمية المثل في إغناء نصوصهم فوظفوه في نتاجهم الأدبي , واستشهدوا به في مختلف الأغراض ولا يزال لبعض هذه الأمثال بقية في كلام أهل المغرب الذين تنحدر نسبة كبيرة منهم , من أصول أندلسية .
